الصوفي.. مناضل بنكهة الحكمة والخبرة بقلم صبحي ولد ودادي

جمعة, 10/08/2018 - 16:30

لم يجد الوزير الأول مولاي ولد محمد الأغظف بدا من وداع الدكتور الصوفي ولد الشيباني منهيا بذلك أكثر من أربع سنين من اعتماد الوزارة الأولى في برامج الرقابة الحكومية على الدكتور الصوفي، باعتباره المستشار الأكثر دقة وأمانة والأقل ثراء بين كبار موظفي الوزارة الأولى.

ورغم اعتراف المشهد الحكومي بشكل عام بكفاءة الدكتور الصوفي وأمانته، إلا أن قرارات العسكر كانت حاسمة وواضحة، ينبغي التخلص من الصوفي لأنه يرفض أن يستظل بغير نخلة تواصل التي ترفض الانحناء لعواصف التحذير والإغراء.

غادر الصوفي إلى الجامعة يشيعه إكبار الموظفين وشهادات العمال بحسن السيرة وتميز الأداء، وتلك شهادة لازمة رافقت الرجل طيلة مساره المهني بل مسيرته منذ أن تنسم أريج الحياة في عين فربة حي تتعانق المساقي والوهاد راسمة تاريخا عبقا من العزة والنضال والإخاء الوطني والعمل من أجل رفعة الإسلام وأمان الوطن.

في عين فربة سنة 1968 ولد الدكتور الصوفي، وفيها درس وبين حواريها وقراها ، درس نصوصا وأصولا من العلوم الشرعية واللغوية، قبل أن ينتقل إلى درة مدائن الشرق، مدينة العيون التي كانت يومها مدرسة نضال ومعلمة ثقافية متميزة، كان الصوفي كالعادة بين زملائه الطلاب أحد الرموز الثقافية في ثمانينيات العيون، حيث نال الباكلوريا الأدبية

وفي أسلاك الجامعة راكم الدكتور الصوفي درجات النجاح والتميز، من متريز  في الاقتصاد سنة 1990 إلى دبلوم الدراسات العليا ثم الماجستير فالدكتوراه في تخصص الاقتصاد.

 

الاقتصادي الأبرز

في جامعة نواكشوط أخذ الدكتور الصوفي نصيبا وافرا من حب وتقدير الطلاب، الذين عرفوه أستاذا متمكنا في مدرجات كلية العلوم القانونية والاقتصادية، وباحثا متميزا في نقاشات الرسائل والإشراف الأكاديمي، والمحاضرات في المناشط والأورقة العلمية، وفي إدارته لمركز البحوث والدراسات بالكلية وإدارته لمنسقية المالية الإسلامية، حيث وضع معالم منهج اقتصادي جديد يجمع بين مقاصدية الإسلام وسعة الفقة ودقة الاقتصاد

وعلى كفاءة الدكتور الصوفي أجمعت الأسرة التربوية في الجامعة، أساتذة رافقوه وخبروا جده وصلابته ومرونته في العمل النقابي، حين أدار رئاسة نقابة التعليم العالي في فترة بالغة الصعوبة، وعلى حين سطوة وتشدد من السلطة السياسية تجاه أي عمل نقابي، يوم كان العمل النقابي جريمة وطريقا سالكا نحو السجن والإقالة والإقصاء

 

إن الزعامة والطريق مخوفة

غير الزعامة والطريق أمان

قاد الصوفي سفينة النقابة وسط أمواج عاتية،  رافضا أن تنتهك الحقوق أو تشترى االضمائر الحرة أو تباع القضية في سوق نخاسة نقابية، كثر فيها المكس والبيع والشراء.

 

مستشار الأمانة

اختار الوزير الأول السابق والأستاذ الجامعي الدكتور الزين ولد زيدان فريق مستشاريه ولحاجته الماسة إلى العقول والكفاءات الأمنية، كان الصوفي ولد الشيباني أحد أبرز أطر الوزارة الأولى، مديرا للرقابة الحكومية.

استطاع الصوفي أن يضع بصمات خالدة في مسار العمل الحكومي، وبدا جليا أن المراقب الجديد للحكومة نموذج جديد لا يمكن التأثير عليه بأساليب من خارج دائرة الأمانة والدقة والشفافية والوضوح.

طيلة أربع سنوات واصل الدكتور الصوفي ولد الشيباني عمله في السراي الحكومي قبل أن يغادره لأنه رفض بيع قناعاته السياسية والانضمام إلى سلك الانقلاب العسكري أو التطبيل لنهج جديد من الفساد استعاد نفوذه بقوة منذ الانقلاب العسكري في 2008

 

حكيم تواصل

تواصل والصوفي قصة وفاء ومسيرة علاقة، رافق الصوفي المسار السياسي للإسلاميين في كل مراحله، وكان أحد الوجوه القيادية في مبادرة الإصلاحيين الوسطيين وأحد العقول السياسية والفكرية التي رافقت المشروع تنظيرا وإنجازا وتقييما وتطويرا.

ترقي في المناصب القيادية عن كفاءة وتقديم من إخوانه لا عن رغبة ولا تطلع، كان نعم العون والسند يوم كان نائبا للرئيس، ناهضا بالأعباء رجل إنجازات مشهودة، ثم كان نعم المراقب تدبيرا وحماية وتقييما في رئاسة مجلس شورى تواصل.

في مسيرة الصوفي، لمسات ونفحات إيمانية عاطرة، وإشراقات روحية وبسمة وطرافة غالبة لم تستطع أن تغلب عليها مسحة الحزن والأسى التي ظللت تواصل كله يوم فقد الدكتور الصوفي نجليه في حادث سير مؤلم.

للدكتور الصوفي حظ من اسمه، تصوفا في رحاب الخشوع ومنابر التقوى ورياض الذكر وصفاء مع الحق والتزاما به، ونكرانا للذات وسعيا إلى أن تظلل العدالة والأخوة جميع أرجاء البلاد.

هو بالفعل صوفي الإيمان والعدالة والوحدة والإخاء الوطني,

الصوفي في البرلمان صوت جديد يحمل حماس السياسي ودقة الاقتصادي، وفكر الأستاذ وصفاء الصوفي الخاشع.