بعد انتخاب "تواديرا" رئيسا لإفريقيا الوسطى.. مسلمو بانغي بين الرضا والترقّب

ثلاثاء, 23/02/2016 - 13:45

ارتياح واضح أبداه مسلمو حي الـ "بي كا"، معقل المسلمين في بانغي عاصمة إفريقيا الوسطى، عقب إعلان لجنة الانتخابات في البلاد، فوز فوستن تواديرا في الانتخابات الرئاسية التي جرت مؤخرا، بحسب النتائج الأوّلية الرسمية. ارتياح أشار عدد منهم، في شهادات للأناضول، إلى أنه مشوب بترقّب حذر لما سيتمخّض عنه المستقبل القريب من أحداث وتطوّرات. 

وفور إعلان الهيئة المستقلة للانتخابات في إفريقيا الوسطى، أول أمس السبت، فوز تواديرا في الانتخابات الرئاسية، التي جرت في الـ 14 من شهر فبراير/ شباط الجاري، إثر حصوله على 62.71 % من أصوات الناخبين، وقبل حتى أن تتأكد النتائج النهائية من قبل المحكمة الدستورية، ظهرت مشاهد الفرح في العديد من مناطق العاصمة بانغي، وخصوصا في حيّ المسلمين. 

أمات ديليري، أحد قادة مسلمي إفريقيا الوسطى قال إنّ "حي البي كا 5 إحتفل، أول أمس (السبت)، بنتيجة الانتخابات"، مضيفا للأناضول أن "أغلب مسلمي الدائرة الثالثة (أين يقع حي الـ "بي كا 5")، دعموا تواديرا، ولم يتبقّ الآن سوى تقاسم الكعكة، أي أنه في حال أعيد توزيع الإيرادات الوطنية بشكل عادل بين السكان، فإن آمالنا لن تخيب، وهذا ما نرجوه وما نحن في انتظاره". 

من جانبه، أوضح رئيس بلدية الدائرة الثالثة، بالا دودو، للأناضول أن فوز تواديرا كان منتظرا "هنا في الكيلومتر 5" (حي المسلمين)، رغم عدم صدور تعليمات للمسلمين بالتصويت لصالح طرف معيّن دون غيره في الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية. 

ودعم عدد من المسلمين، بينهم المرشّح الخاسر في الدور الأوّل للإقتراع، بلال كولينغبا، أنيسيه دولوغيلي، والذي تحصل على 37.29 % من الأصوات، وفق النتائج الأولية الرسمية، في حين ذهبت أغلب الأصوات لصالح تواديرا، هذا المرشح الذي استطاع الحصول على دعم المسلمين استنادا إلى مسيرة مهنية حافلة أثناء تقلّده منصب رئيس لوزراء بلاده من 2008 إلى 2013 وتعهداته القوية بانصاف الاقلية المسلمة. 

وفي تصريح للأناضول، أعرب الجنرال محمد موسى دافان، زعيم الفصيل الجديد لميليشيا "السيليكا" (ذات الأغلبية المسلمة)، عن "ارتياحه لانتخاب فوستن تواديرا" لأنه "المرشح الذي دعمته، شخصيا، والذي سيفتح قضايا المصالحة الوطنية وإعادة الإعمار و استعادة الثقة". 

عدد آخر من مسلمي البلاد عبّروا عن ارتياحهم للـ "الروح الرياضية" التي رافقت الإعلان عن النتائج، حيث سارع دولوغيليه، فور الإعلان عن النتائج الأولية الرسمية، بتهنئة منافسه رغم شجبه لعمليات "تزوير واسعة النطاق" عقب أيام قليلة من الانتخابات.

عثمان أباكار، المتحدث باسم مسلمي الـ "بي كا5"، قال معقبا عن الجزئية الأخيرة، إنّ "الروح الرياضية لدولوغيلي تشي بأنّه أدرك جيدا أنّ الدم سال بما فيه الكفاية بإفريقيا الوسطى، مجنبا بذلك البلاد أزمة ما بعد الانتخابات"، مضيفا: "نحن مسلمو إفريقيا الوسطى لسنا ضد مرشّح بعينه، لأنّ السلطة لله وحده، وإنما نعتبر وصول مرشحين للجولة الثانية من أصل 30، وانتخاب السكان لتواديرا، تجسيدا لإرادة الله. ومن الآن فصاعدا، لم يعد تواديرا رئيسا لمجموعة أو منطقة أو دين معين (...) بل هو رئيس لجميع السكان، سواء كانوا مسيحيين أم مسلمين". 

ومن جانبه، أشار دودو إلى أن المسلمين يتوقعون الكثير من الرئيس الجديد، قائلا: "نحن بحاجة للسلام والأمن وحرية التنقل والحق في الرفاهية". 

الانتظارات والآمال نفسها تتطلّع إليها رئيسة النساء المسلمات في حي الـ "بي كا5"، والتي قالت للأناضول: " فور الإعلان عن نتائج الانتخابات الرئاسية، شعرنا بالبهجة، نحن الذين ساندنا المرشح تواديرا"، معربة، في الوقت نفسه، عن ترقبها تنفيذ الرئيس الجديد لالتزاماته بخصوص معالجة وضع البلاد". 

وغداة الإعلان عن فوزه في السباق الرئاسي، تعهد تواديرا، في تصريح لوسائل الإعلام، بـ "جعل إفريقيا الوسطى موحدة ومتضامنة ومزدهرة"، قائلا: "أيّها السكان من جميع المناطق ومختلف الأديان والفئات الاجتماعية وجميع القطاعات ومختلف الأجيال، سنجعل من بلدنا ورشة واسعة، وسنعمل على توفير فرص عمل للشباب، وخلق ثروات يمكن توزيعها بشكل عادل بينكم. كما سنعزز السلام في بلدنا، معا وسندفع بديناميكية جديدة وواعدة لتحقيق التقدم في جميع قطاعات الحياة الوطنية". 

ورغم عودة الهدوء إلى البلاد منذ بضعة أشهر، إلا أن شبح الأزمة الطائفية التي هزت إفريقيا الوسطى منذ ديسمبر/كانون الثاني عام 2013، وأسفرت عن مقتل المئات وتشريد الآلاف، لا يزال يخيم على البلاد، سيّما في حي الـ "بي كا 5"، حيث عزلت الأقلية المسلمة (10٪ من إجمالي السكان)، خوفا من هجمات ميليشيات "أنتي بالاكا" المسيحية. 

فاطمة، مسلمة من حي الـ "بي كا 5" ببانغي، في الثلاثينات من عمرها، قالت: "نحن في انتظار أن يتخذ "الرئيس الجديد خطوات ملموسة من أجل عودة أقاربنا المتواجدين في مخيمات اللاجئين منذ اندلاع الأزمة"، مستدركة: "اخترت ورقة تواديرا، لكنني، في الحقيقة لم أنتخبه هو في حد ذاته، بل من أجل عودة أخي الصغير من مخيم سرح للاجئين (جنوبي) تشاد". 

من جهته، يتطلّع أبو بكر، موظف حكومي شاب اضطر عدد من أقاربه، موفى 2013، إلى الفرار من البلاد، إلى عودة اللاجئين إلى موطنهم، لافتا إلى أن "انتخاب رئيس للبلاد أمر جيد في حد ذاته، سواء كان تواديرا أو دولوغيليه، غير أننا نريد تدابير ملموسة، وبناء عليها، سيتكفل المستقبل بالإجابة على مختلف تساؤلاتنا". 

وأجبرت الأزمة الطائفية المندلعة في إفريقيا الوسطى، نحو 470 ألف شخص، بين مسلمين ومسيحيين، على مغادرة بلادهم بحثا عن ملجأ آمن في دول الجوار (تشاد والكاميرون والكونغو برازافيل والكونغو كنشاسا)، 220 ألف من بينهم غادروا البلاد منذ الإطاحة بالرئيس السابق فرانسوا بوزيزيه في مارس/ آذار 2013، بحسب وكالة الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين. 
 

المصدر : الأناضول