مبدأ الكرامة الإنسانية مبدأ فاعل في الدين/ الأستاذ الحسن ولد مولاي إعل

أربعاء, 15/03/2017 - 11:07

عندما يتحدث البيان الإلهي في القرآن الكريم، عن تكريم الله للإنسان، من حيث هو إنسان: { وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ، وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ، وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ، وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَىٰ كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا}، ثم تأتي السنة القولية والفعلية لخاتم الرسل والأنبياء، لتجسد دلالات هذا التكريم، في أبعاده الأخلاقية والقانونية؛ بصرف النظر عن أصل المرء وفصْله، دينه وعقيدته، لونه وثقافته، مركزه ومكانته؛ عندئذ تبرز حقيقة أن هذا التكريم أودعه الله في جِبلَّة ابن آدم، وجعله من فِطرته وطبيعته، ولم يمنح أحدا حق تجريده منه، فهو مشاع في جنسه، يتمتَّع به الجميع، من دون استثناء؛ مؤمنهم وكافرهم، عربيهم وعجميهم، أحمرهم وأسودهم.

الإسلام لا يقف عند تقرير مبدأ التكريم، ولا عند إناطة مسئولية الحفاظ عليها بالإنسان نفسه؛ بل يجعل منها سندا للعديد من قواعده وقِيَمه وغاياته ومقاصده؛ وفي مقدمتها جلْب المنفعة للإنسان، ودرء المفسدة عنه، والاعتراف المتبادل بتعدد الديانات في المجتمع الواحد، كما خاطب به القرآن أهل مكة: {... لكم دينكم ولي دين.}، وكما حوله النبي (ص) في صحيفة المدينة، إلى واقع معيش:«..لليهود دينهم وللمسلمين دينهم..».

ويتجاوز الإسلام كل ذلك، فيلزم أتباعه بمراعاة مشاعر غير المسلمين، في مقدساتهم، حتى لو كانت تلك "المقدسات" أصناما وأوثانا معبودة من دون الله: {وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ، فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ..} وقد زين الله لكل قوم عملهم، فرأوه حسنا، ثم هم راجعون إلى الله، فموفيهم ما لهم وما عليهم: {كَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ؛ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ مَرْجِعُهُمْ، فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}.