الشيخة زينب بنت الدده تتحدث عن المشاركة السياسية للمرأة الموريتانية

اثنين, 27/03/2017 - 19:21

قدمت عضو مجلس الشيوخ زينب بنت الدده مداخلة في اليوم الثاني للملتقى الأول لمنظمة "نساء الإصلاح" المنظم تحت شعار نحو روية واعية لواقع المرآة الموريتانية.

المداخلة كانت تحت عنوان معطيات عن المشاركة السياسية للمرأة الموريتانية ورهاناتها، و هذا ملخص لها:

مدخل
• لأسباب منهجية وعملية مفهومة، لا تهدف هذه المداخلة إلى استعراض تاريخ المشاركة السياسية للمرأة بشكل مفصل، لأن موضوعها ينصب على الواقع والمستقبل من جهة؛ ومن جهة أخرى فإن محطات مسيرتها في هذا المجال معروفة بما فيه الكفاية؛ لكن هناك ملاحظتين قد يكون من المفيد أن نتوقف عندها في البداية:
• الأولى: أن الإدارة الاستعمارية لم تبد عناية خاصة بإشراك المرأة في الشأن العام، وهو ما ينسجم تماما مع خصوصية الحضارة الغربية التي لا تهتم عادة بتصدير قيمها الايجابية، بقدر ما تسعى إلى تشويه القيم الخاصة بالحضارات الأخرى والتشويش عليها عبر إغراقها بقشور الحضارة الغربية؛
• الثانية: وهي مرتبطة إلى حدٍّ ما بالأولى، أن تنامي حضور المرأة في الشأن العام الوطني ناتج عن اهتمام أصيل له أبعاده المرتبطة بخصوصية هذا المجتمع، وإن كان هذا النزوع الأصيل قد واجه في مراحلَ مختلفةٍ معوقين أساسيين:
▪ الذهنية الذكورية السائدة في ظل الأنظمة العسكرية، وهي الذهنية التي وضعت للمحاولات الخجولة التي عرفها العهد المدني الأول في اتجاه الرقي بوضع المرأة وإشراكها في الحياة العامة.
▪ التأويل المحرف للنصوص الشرعية ذات الصلة بمكانة المرأة ودورها في المجتمع، والذي بدأ تأثيره ينحسر تدريجيا بفعل تقدم الصحوة الإسلامية المعاصرة التي استعادت جوهر الرسالة التحريرية للإسلام وخلصتها من شوائب عصور الانحطاط ورواسب الثقافات الجاهلية القائمة على فكرة التمييز ضد المرأة.
هكذا، إذن، يمكن القول إن تطور حضور المرأة الموريتانية في المجال العام يعود إلى عاملين أساسيين:
✓ نضالات المرأة الموريتانية من جميع التيارات وكل الأجيال منذ نشأة الدولة الوطنية إلى اليوم، من خلال الأدوار التي بدأت تضطلع بها داخل التنظيمات السياسية والتيارات الفكرية، وفي إطار مؤسسات الدولة.
✓ تحرر الفهم المجتمعي للقيم الإسلامية المتعلقة بمكانة المرأة ودورها من تأثير بعض التأويلات الجامدة التي تخلط بين النصوص الشرعية والعادات والأعراف الاجتماعية.
المشاركة السياسية للمرأة في أرقام
• تمثل المرأة50.7% من مجموع السكان
• 9 وزيرات في الحكومة من أصل 30 وزيرا أي نسبة30% 
• 31 سيدة من اصل147 نائبا في الجمعية الوطنية، أي حوالي 21%
• 9  عضوات في مجلس الشيوخ من أصل 56 أي نسبة 16%
• 6 نساء عمد من أصل 218 عمدة (2.75%) أربعٌ منهن عمد لبلديات ريفية واثنتان في نواكشوط إحداهن ترأس المجموعة الحضرية (تتولى الوصاية على تسع بلديات)
• 1317 مستشارة بلدية من أصل 3722، أي بنسبة 35.4%
• سفيرتان من أصل 40 سفيرا أي بنسبة 5%
• 6 رئيسات أحزاب، ثلاث منهن يرأسن أحزابا ممثلة في البرلمان
• 3 سيدات ضمن القضاة البالغ عددهم حوالي 260، أي بنسبة 1.15%
• لا توجد حاليا أي سيدة تشغل منصب حاكم مقاطعة أو والي ولاية.
 
ملاحظات حول واقع المشاركة السياسية للمرأة:
▪ هذه الأرقام تعكس حقيقةَ أن النصيب الأكبر من التمثيل السياسي للمرأة، وبصفة خاصة في جانبه الانتخابي، مفروض بالقانون، ولا يعكس بالضرورة توجها شعبيا أو خيارا سياسيا، لا لدى السلطة ولا لدى الأحزاب.
▪ رغم ذلك لا يخفى أن إشراك المرأة بات يشكل قيمة معتبرة في الحياة السياسية الوطنية لم يعد مستساغا تجاهلها، لا من طرف السلطة الحاكمة ولا من طرف القوى السياسية.
▪ الوزن الانتخابي والقدرات التعبوية للمرأة الموريتانية تفرض على القوى السياسية اليوم  أن تحسب لها حسابها، سواء فيما يتعلق بتشكيل الهيئات أو على مستوى المواقف والقرارات.
▪ من الواضح أن المرأة الموريتانية طورت قدرات سياسية وتنظيمية خاصة لم يعد ممكنا مع وجودها تجاوز دور المرأة، وأبرز مثال على ذلك أن معظم الأحزاب السياسية الرئيسية توجد داخلها الآن منظمات نسائية ذات وزن وتأثير.  
رهانات المستقبل
إن الغاية التي ينبغي أن تطمح المرأة الموريتانية إلى بلوغها في المجال السياسي هي الانتقال من طور إشراك المرأة إلى مشاركتها بإرادتها الذاتية وعن جدارة؛ وفي سبيل تحقيق هذه الغاية يتعين  رفع مجموعة من الرهانات من أبرزها:  
- من التهميش إلى الحضور: المرأة الموريتانية التي عانت من التهميش السياسي حينا ومن المّنِّ عليها بإشراكها أحيانا مطالبة الآن بأن تسعى لمزيد من فرض حضورها الذاتي في المشهد السياسي، ممارسة منتظمة وإيجابية للفعل السياسي، وترشحا للمناصب، وتميزا في الأداء؛
- من المشاركة في النضال إلى الشراكة في الرأي والقرار والقيادة: ويعني ذلك أن تعمل المرأة على أن يكون دورها القيادي متناسبا مع حضورها النضالي المتنامي كما ونوعا؛
- التحرر بالقيم الأصيلة لا التحرر منها: بمعنى أن تتحر المرأة فعلا من ثقافة "المرأة من بيتها إلى قبرها" دون السقوط في فخ التغريب الذي يسلخها من دينها ويدس لها سم الانحلال والخلاعة في عسل الحرية والتقدم.
- انتزاع المكانة بجدارة: ويعني ذلك أن تطور المرأة الموريتانية أداءها في المجال العام بما يسمح لها بتتابع الانتقال من الكوتا إلى المناصفة ومن المناصفة إلى التنافس على أساس المساواة الحقة.
ختاما، يجب التنبيه إلى أنه في سبيل رفع هذه الرهانات يلزم أن تتشكل حركة نسوية عابرة للانتماءات الضيقة، يكون همها الأول رعاية حضور المرأة وصيانة مكتسباتها في كل الأطر وعلى جميع المستويات.