الرئيس السالك: تقييمنا لأداء النظام كان بمثابة تنبيه على ضرورة تسريع وتيرة الإنجاز

أربعاء, 11/03/2020 - 12:17

قال نائب الرئيس الأستاذ السالك ولد سيدي محمود إن تواصل حاليا هو الحزب الأكبر الآن في المعارضة ومهمة أي حزب معارض هي التنبيه على الاختلالات السلبية في أداء السلطة والظروف التي يعيشها المواطنون والدعوة المتواصلة إلى علاج هذه الاختلالات معبرا أن تقييم الحزب لما مضى من مأمورية النظام الحالي كان موضوعيا و هدفه التنبيه على ضرورة تسريع وتيرة الإنجاز.

جاء حديث الرئيس في مقابلة أجراها معه موقع ريم آفريك هذا نصها:

 

ريم آفريك : أثار تقييمكم لأداء النظام خلال الفترة المنصرمة ردود فعل منتقدة في الأغلبية ومن بعض قيادات حزبكم ما موقفكم من تلك الردود؟

 

 

السالك ولد سيدي محمود : يجدر التذكير بأن حزب تواصل هو حزب معارض وأنه الحزب الأكبر الآن في المعارضة ومهمة أي حزب معارض هي التنبيه على الاختلالات السلبية في أداء السلطة والظروف التي يعيشها المواطنون والدعوة المتواصلة إلى علاج هذه الاختلالات.

وما من شك أيضا أن السلطة تحتكر وسائل الإعلام العمومي وتنفذ من خلالها سياساتها الإعلامية في التضليل وتحويل الحبة إلى قبة والدفاع عن رؤية وممارسات السلطة.

ولا يخفى أيضا أن المعارضة لا تزال محرومة من الولوج إلى الإعلام العمومي وتقديم خطابها من خلالها، في مخالفة صريحة للقوانين التي تنص على ضرورة منح المعارضة ثلث المساحة الإعلامية العمومية.

وفي ظل هذا التأسيس السابق لا ينتظر منا أن نكون وسيلة إعلام مدافعة عن النظام ولا أن نكون محكمة أيضا لمحاسبته بالطرق القضائية المعروفة.

لكن المؤكد أيضا أن ما يقول النظام عن نفسه سواء كان هذا النظام أو الذي قبله لا يمثل الحقيقة والدليل على ذلك أنه كل ما سقط نظام قام أنصاره السابقون بتعريه مساوئه وجاء خلفه ليؤكد أن البلد في فساد وإفساد.

ولهذا فإن تواصل كان واقعيا جدا في نقده وتقييمه للفترة الماضية من حكم النظام الحالي، ولم يكن هنالك أي شطط أو تجاوز في ذلك التقييم الذي كان بمثابة تنبيه على ضرورة تسريع وتيرة الإنجاز والرفع من مستوى الاستجابة لتطلعات الشعب.

إنما نراه واقعا هو غياب الأمن والخوف بين المواطنين، إضافة إلى موجة من ارتفاع الأسعار جاءت مع النظام، وأن آلاف العاطلين لا يزالون يملأون الشوارع بحثا عن عمل، وأن الجفاف يعصف بالاقتصاد الريفي وأن الأمن الغذائي لا يزال مفقودا، وأن وضعية الصحة لا تزال دون المستوى.

هذا الواقع الذي لا يمكن إنكار وجوده هو ما وصفناه ونبهنا إلى خطورة استمراره وتفاقمه، وطبعا لن توقفنا جعجعة إعلام السلطة عن نقد هذه الاختلالات.

أما الطرف الثالث الذي يريد أن يكون معارضة ولكن ... وموالاة ولكن ...في نفس الوقت فله ذلك لا تهمنا مواقفه ولا نعلق عليه

 

 

ريم آفريك : هنالك من يرى أن هذا النقد وإن كان موضوعيا فهو متسرع لأن أغلب هذه المشاكل موروث من الأنظمة السابقة والنظام الحالي أعلن عن حزمة من البرامج لعلاجها؟

 

السالك ولد سيدي محمود : من المهم التذكير بأننا في تواصل قيمنا ما مضى من فترة حكم النظام وليس تقييما مستقبليا ولم نقل إن النظام لن ينجح في مهامه ولن يتغلب على هذه الاختلالات

لقد أصدرنا تقييما لفترة 10% من مأمورية النظام وفي رأيناه أن كان بالإمكان أن تحل 10% على الأقل من الاختلالات والأزمات التي تواجه المواطنين.

وقد دأب السياسيون على تقييم المئة يوم الأولى من حكم أي نظام لأنها تمثل بوصلة المستقبل وعينة يمكن من خلالها ترقب ماهو كائن وتعطي ملامح التوجه المستقبلي.

 

 

ريم آفريك : ماهو تقييمكم لنتائجكم في الانتخابات المنصرمة وخصوصا نتائج مرشحكم في الرئاسيات، زيادة على السجال وضعف الانسجام على مستوى قيادات الحزب.

 

 

السالك سيدي محمود : السياسة هي مسار جدلي ونقاش متواصل وتقوم على تقدير الهم والمصلحة الوطنية، وهذا السجال أو الانسجام القيادي ليس جديدا على الحزب بل هو نقاش دائم ومتواصل وحيوي بالنسبة لتواصل

لكن الجديد في الأمر هو خروج هذا النقاش الداخلي إلى العلن، والأكيد عندي أن الذين أخرجوه إلى العلن لم يفعلوا ذلك بنية سيئة بل سعيا إلى تنبيه قيادة الحزب أو التأثير عليها لتعدل موقفا أو تتخذ أو تراجع قرارا.

 

ريم آفريك : هنالك من يرى أن الأمر جزء من صراع أقطاب يتحكم بعضها في الحزب لفترة ويقصي الطرف الآخر، كما هو الواقع حاليا بالنسبة للطرف الذي عنده الرئاسة وأنتم جزء منه.

 

السالك سيدي محمود : الأحزاب مؤسسات ديمقراطية ودون شك سيأتي فريق ويقود مرحلة قبل أن يترك مكانه لفريق آخر، وهذه هي سنة التداول ومقتضى الانتخاب والعمل الديمقراطي، ورغم ذلك يمكنك أن تطلع على لائحة المكتب التنفيذي الحالي وستجد أن أكثر من نصفها كانوا أعضاء في الهيئات القيادية خلال فترة ما قبل المؤتمر الأخير.

وإذا بحثت أيضا عن التوجهات ستجد أن النسبة الكبيرة من القيادات الحالية تخالف القيادة الحالية في بعض توجهاتها الفكرية، ولذلك لم تحرص القيادة الحالية ولا القيادة السابقة على بناء أقطاب ولا على تأسيس لوبيات ضغط.

 

ريم آفريك : هنالك تأطير آخر لهذا السجال في سياق صراع الحداثيين والأصوليين داخل الحزب؟

 

السالك ولد سيدي محمود : من الصعب الجزم بهذا التباين المشار إليه في سؤالكم، حيث لا يوجد اصطفاف فكري صارم يمكن من خلاله الحداثي عن تيار حداثي وآخر أصولي، وبعض من يصنفون أصوليين تجد عندهم مواقف من صميم طرح من سميتهم حداثيين، وتجد لدى الحداثيين أيضا مواقف وآراء من صميم خطاب من سميتهم الأصوليين والفقهاء، وهذا التنوع وجه من أوجه قوة تواصل وجزء من طبيعة الآراء المتجمعة في إطار واحد لا يمكن أن تكون متفقة حد التطابق ولا متخالفة حد التعارض.

 

ريم آفريك : نتائجكم في الانتخابات وخصوصا الرئاسية وضعت مرشحكم في الرتبة الثالثة عكس ما كان متوقع؟

 

السالك سيدي محمود : تتألف جزئية الانتخابات من شقين هما البلديات والنيابيات والرئاسيات، وقد جاءت الانتخابات الأولى بشكل مفاجئ دون أن يتمكن الحزب من تحضير سياسي تام وفي ظرف مادي عصيب يعرف مناضلو الحزب وقادته تفاصيله وصعوبته، وجاءت تحت سقف منخفض جدا من الشفافية، وفي ظل تنافسية غير مسبوقة في تاريخ البلد، وكان الحزب مع ذلك مستهدفا بشكل خاص من النظام يسعى إلى تفكيكه وإلى إضعافه وتحجيم دوره، ومع ذلك حقق تواصل نتائج جيدة جدا  مقارنة مع انتخابات 2013 التي شارك فيها الحزب منفردا دون غالبية أحزاب المعارضة، وكان يقال يومها من أصوات جماهير الأحزاب المقاطعة، لكن أي مقارنة بسيطة بين نتيجيتي 2013 و2018 يجد أن الحزب حافظ على قوته الناخبة وعزز مواقعه في أماكن جديدة، رغم القوة الهائلة التي واجهته بها السلطة في الشوط الأول والثالث.

 

أما بالنسبة لقضية المرشح الموحد، فإن هنالك جدلا كبيرا وشائعات ينبغي تصحيحها، والتأكيد على أنها لن تصدر عن المصادر والقيادات التي كانت مشرفة على ملف التحضير للرئاسيات أو قريبة منها.

لقد وضعت معايير محددة للمرشح الموحد، وناقشت السبل الكفيلة بإحداث التغيير الديمقراطي ووصول المعارضة إلى السلطة، وكان بيننا اتجاهان كبيران :

يرى الاتجاه الأول أن الشواهد والوقائع المحيطة بنا في المنطقة جعلت التغيير دائما يأتي عبر مسار التحام بين أطراف قوية في الموالاة تريد التغيير وبين المعارضة التقليدية وأن هذا يتطلب البحث عن مرشح مستقل نكسر بموجبه رهانات العسكر، وبهذا نكون قد عبرنا بالبلد إلى تغيير جدي.

أما الاتجاه الثاني فيرى استحالة إحداث التغيير وأن الأولى هو الحفاظ على وحدة وتماسك المعارضة، والحفاظ على الحد الأدنى من بقاء واستمرار المعارضة، وكان البون شاسعا بين الطرفين والتوفيق بين الرأيين غير ممكن بناء على معطيات تحليل كل طرف.

ومع الزمن انتقلنا من دائرة الخيار إلى دائرة التكيف مع الواقع خصوصا أن بعض القادة في المعارضة كان قد أعلن ترشحه قبل ذلك بفترة، وانخرط في حملة دعاية لرؤيته السياسية.

وهنا أصبح الخيار لدى المعارضة هو التكيف مع الواقع خصوصا في ظل طرح يقول إن تعدد المرشحين قد لا يكون خيارا سيئا جدا لأن كل مرشح سيحرص على الحصول على أكبر عدد من الأصوات وذلك ما قد يحرم مرشح السلطة من الاستئثار بأغلبية الناخبين.

وعموما حق المرشح الذي دعمناه حضورا قويا وفعالا، وحقق اختراقات نوعية في معاقل كانت محسوبة دائما على النظام.

وأختم في هذا السياق بالقول إن الذي أضر بالمعارضة ليس عدم توحدها ولا اختيارها لمرشح مستقل ولا تعدد مرشحيها، فمنذ سقوط نظام ولد الطايع حصلت المعارضة في ثلاث مناسبات على مجموع أصوات بنسبة 48% من الناخبين، وما يحول بينها وبين الفوز ظل دائما في حدود 2%

وهذا يعني أنه إذا توفر الحد الأدنى من الشفافية ومن عدم تدخل السلطة بوسائلها المتعددة من سطوة وترهيب وترغيب وتزوير واستخدام للمال العام وضغط على القبائل والمجموعات فإن المعارضة قادرة على كسب الرهان وحسم الفارق الانتخابي وصولا إلى الفوز الكاسح.

ومن الظلم الذي مورس ضد المعارضة في الفترة المنصرمة وهو تحكم ولد عبد العزيز في القرار الدستوري بشأن ترشحه لمأمورية ثالثة ولم يحسم موقفه بعدم الترشح إلا قبل شهرين من تاريخ الانتخابات وببيان صادر من خارج موريتانيا

وعموما أعتقد أن تلاعب العسكر بالديمقراطية وتحكمهم في تفاصيل الحكم وتآمر بعض قوى المعارضة معهم تارة بمنع الحديث عن دور العسكر في إفساد الحياة السياسية والتحكم في المسار الديمقراطي، وتارة بتزكية المسار الانتخابي وتارة باسم التعاطي الإيجابي مع كل ما يصدر من السلطة.

 

ريم آفريك : ما تقييمكم لأداء وآفاق اللجنة البرلمانية التي تحقق في ملفات تسيير الرئيس السابق؟

 

السالك ولد سيدي محمود : علي أن أؤكد أولا أن ما أعبر عنه في الجواب على هذا السؤال هو رأي شخصي فلم يناقش الحزب بعد عمل هذه اللجنة.

وأعتقد أن اللجنة رغم تقديري لبعض أعضائها غير جادة، لأن الفكرة أصلا جاءت بمبادرة من المعارضة، والموالاة وجدت نفسها محرجة، والتفت على الأمر بالتحكم في اللجنة

وأخشى ما أخشاه أن تنتهي اللجنة إلى تبرئة النظام السابق، مما اقترفه من فساد بحق الشعب خلال الفترة الماضية.

وأعتقد أن ما ينبغي أن يدركه الجميع أن الحكم السياسي والقضائي مختلفان، فللحكم القضائي إجراءاته المختلفة عن المسار السياسي

وقناعتي أن النظام السابق مدان سياسيا بالفساد ومؤشرات ذلك كثيرة ومتعددة.

 

ريم آفريك : ما رأيكم في العلاقات الموريتانية الإماراتية خصوصا أن تياركم السياسي محسوب على جهات مناوئة للإمارات؟

 

السالك ولد سيدي محمود : نحن مصنفون في التيار الوطني فحسب وكل ما لا علاقة بالأهداف الوطنية وتحقيق آمال الشعب فلا ينبغي أن نصنف فيه ولا نسعى أن نكون جزء منه.

نحن بهذا المعنى حزب موريتاني ذو مرجعية إسلامية، نعمل من أجل خدمة بلادنا والإسهام في رقيها التنموي والحضاري.

ندرك أن الشعوب العربية والإسلامية وبلدنا جزء منها تعيش بين قوى بعضها يسعى إلى الحرية والديمقراطية والعدالة وبعضها يسعى إلى إبقاء الشعوب تحت وطأة الظلم والإرهاب سعيا إلى مزيد من التحكم في خيرات الشعوب وخياراتها.

وعموما لا يمكن أن نصنف علاقات موريتانيا مع أي دولة أخرى على أنه جزء من الصراع أو تخندق لموريتانيا ضمن حلف دولي

والإمارات دولة عربية يمكن أن تطور علاقاتها مع موريتانيا ونحن نرحب بأي دعم لبلادنا وأي مسار يفضي إلى تطوير التنمية في بلادنا، على أن لا يكون ذلك في سياق التدخل في السيادة الوطنية.

 

ريم آفريك : ختاما حبذا لو حدثتمونا باختصار عن مؤشرات السياسة الاقتصادية خلال عشرية الرئيس السابق؟

 

السالك ولد سيدي محمود : من الصعب الحديث في دقائق محدوده عن الواقع الاقتصادي للبلد، ومن الصعب أيضا الحديث عن مسار اقتصادي خلال العشرية الماضية.

لم يكن هنالك مسار اقتصادي علمي يقوم على دراسة وتخطيط، فقد كان النظام يعتمد الشعبوية والمزاجية والنفعية في إدارة الملف الاقتصادي.

خذ على سبيل المثال صفقة تشييد المطار الجديد، أذكر أنني قدمت مساءلة لوزير التجهيز والنقل سنة 2011 وهو عراب صفقة المطار، حيث قدم لنا توقعات أبعد ما تكون من المنطقية.

حيث أن مطار نواكشوط يومها كان يستقبل سنويا حوالي 70 ألف مسافر سنويا، وعليه فإن سقف التوقعات ينبغي أن يكون في حدود مثلا 300 ألف أو 500 ألف خلال 10 سنوات قادمة على أبعد الحدود.

ولكن الديماغوجية الحكومية يومها وضعت سقف توقعات بحوالي مليوني مسافر سنويا، وهو أمر لا تسعفه أي مؤشر منطقي في بلد من ثلاثة ملايين مواطن، يتمتع بسبع رحلات أسبوعيا.

لاحقا تم منح المطار لشركة إماراتية كي تتولى تسييره بعد أن اتضح زيف التوقعات وأن الأرباح المفترضة لم تأت، وكان بالإمكان منحه أصلا للإمارات كي تشيد مطارا بمواصفات عالمية وتتولى تسييره ومن أرباح تسييره تستعيد تكاليف التشييد مع نسبة الأرباح المتفق عليها في إطار توافقي بين الطرفين.

بل أكثر من ذلك كانت هنالك عرض من البنك الدولي لإنشاء مطار دولي في نواكشوط، ومع ذلك تم القفز على ذلك كل ذلك وإقامة شراكة بين الدولة وشركة خصوصية، قبل أن تعجز الشركة عن إقامة المطار وتلجأ إلى اقتراض من اسنيم بعدة مليارات

خسرنا المطار الأول وكان ينبغي الإبقاء عليه أو على جزء منه كمطار احتياطي وهو ما لم يتم القيام به.

تبين لاحقا أن صفقة المطار كانت غطاء للاستيلاء على كثير من الأراضي في مناطق متعددة بغير وجه حق، ثم بيعت هذه الأراضي فامتصت السيولة الموجودة في السوق ودخلت البلاد في أزمة كساد غير مسبوقة.

إن هذا المسار الاقتصادي أدى إلى رفع مستوى البطالة من خلال ضرب الاقتصاد الخاص، بحجة أن هنالك قوى اقتصادية ينبغي تركيعها، ولهذا اختفت المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وسرحت المؤسسسات الخصوصية الكثير من عمالها

ولم يعد هنالك مجال لإقامة شركات جديدة لأنه لا توجد فرصة متاحة أمام المواطنين، وتحول دور السلطة من تنظيم الاقتصاد إلى احتكار الاقتصاد، وتكدست الثروة في أيدي ثلة محدودة من مقربي النظام، يتقاسمون الأدوار والصفقات والامتيازات.

ومن أبرز الأمثلة على هذه السياسة، تم ضرب القطاع المصرفي من خلال قتل المؤسسات المصرفية عبر سياسة التفتيت، مما يعني تفتيت رأس المال وعجز البنوك عن القيام بأي دور اقتصادي قبل أن ينتهي الأمر ببعضها إلى الإفلاس والبعض الآخر منها سائر في طريق الإفلاس وفق ما هو متداول من معلومات موثوقة.

لقد تضاعفت مداخيل البلد منذ استقلاله إلى 2005عشرة أضعاف خلال خمس سنوات والسبب ليس نجاعة السياسة الاقتصادية للبلد، ولكن يتعلق بالطفرة التي طبعت أسعار الحديد.

ومنذ استقلال البلد إلى حدود 2005 لم يصل سعر الحديد الموريتاني إلى 22 دولار بعد أن مر بأسعار من قبيل 7-8-18 دولار

ومن 2005 إلى 2011 وصل في بعض الأحيان إلى 187 دولار، وإذا كانت هذه الوضعية استثنائية إلا أنه ظل دائما فوق 100 دولار

أضف إلى هذا عائدات النحاس وماهو موجود من النفط والرخص في مجال التعدين.

لقد تعاملت السلطة مع هذه الطفرة بمنطق شديد الغباء والنفعية لأنها لم يتم تسييرها بأيد أمينة ولا بعقول اقتصادية، ولا أدل على فساد العقلية التسييرية من أن اسنيم جنت 800 مليار ربح منها 78% لصالح الدولة الموريتانية، وما إن بدأت أسعار الحديد في التراجع حتى بدأت اسنيم تسير نحو الإفلاس لأن السياسة الاقتصادية تعاملت بنقيض مبدأ التعامل مع الطفرات "ادخر الدرهم الأبيض لليوم الأسود"

ومن الغريب فعلا أن اسنيم تربح وتقيم الكثير من المنشآت وأسعار الحديد ما بين 8-18 دولار وتنهار بعد أن وصل تراجع أسعار الحديد  إلى قرابة 40-60.

بينما كان ينبغي أن يتواصل الربح ويتضاعف رغم التراجع، لكن الذي حصل هو استنزاف الطفرة دون أن تتجه إلى تنويع الاقتصاد أو الاستثمار في اكتشافات معدنية جديدة.

وفوق ذلك لم نترك ذممنا فارغة، فاستدانت الدولة مبالغ هائلة جدا ووصلت المديونية الخارجية حوالي 5 مليارات دولار وهو ما يصل إلى 100% من الناتج الداخلي الخام.

وأمام هذه الوضعية الكارثية انتشرت البطالة والجريمة وأفلست مؤسسات ما كان لها أن تفلس لو أنها أديرت بسياسة اقتصادية واعية

 

ريم آفريك : شكرا لكم