مَن للأقصى ؟!

أربعاء, 20/05/2015 - 21:41
يوسف رزقة

احتفل المسلمون مساء يوم السبت الماضي بالذكرى السنوية للإسراء والمعراج، كل المتحدثين تعلقت قلوبهم وكلماتهم بالقدس والمسجد الأقصى، وكلهم دعوا الله أن يعجل بتحريره وإعادته لسلطان المسلمين. وقد تزامنت احتفالات الإسراء والمعراج هذا العام مع إحياء الفلسطينيين لذكرى النكبة التي وقعت عام ١٩٤٨م قبل (٦٧) عاماً من الآن، كانت صورة الأقصى ومفتاح العودة تزين مناشط الاحتفالات الشعبية في المناسبتين تعبيراً عن تمسك الشعب الفلسطيني بحق العودة وبالقدس عاصمة لفلسطين.

بينما يحيي الفلسطينيون ذكرى العودة، وذكرى الإسراء والمعراج، كان الإرهابي نفتالي بينيت، زعيم حزب البيت اليهودي، ووزير التعليم في حكومة نتنياهو الجديدة يقود مظاهرة للمتدينين في ساحة البراق أول من أمس الأحد، ويخطب فيهم: القدس هي لشعب إسرائيل منذ الأزل وإلى أبد الآبدين؟! ولا يمكن تقسيم القدس؟! العالم لم يفهم بعد، وسيفهم بفضل القوة العظمى الموجودة هنا؟! كل ولد إسرائيلي يقول: إذا نسيتك يا قدس فلتنسني يميني؟! وقريبا سيتمكن اليهود من الصعود للصلاة في جبل الهيكل (يقصد المسجد الأقصى) لأن جبل الهيكل لنا؟! كل واحد منكم وريث الملك داوود، ومكمل درب الملك داوود ؟!) انتهى الاقتباس، وفي التوقيت نفسه صرّح نتنياهو، قائلاً: إن إسرائيل تحت حكمي وولايتي لن تسمح بتقسيم مدينة القدس؟!).

حين قرأت تصريحات بينيت ونتنياهو قلت في نفسي، هل يقف العالم (الغربي والعربي) جيدا عند هذه التصريحات؟! وإذا وقف عندها هل يرفضها، أم يمر عليها بعين الرضا والصمت؟! وهل تحركت مشاعر الاحتجاج في نفس عباس والسلطة، أم أن الجري وراء العودة للمفاوضات قد أخمدت هذه المشاعر؟! لا أملك إجابة لهذه الأسئلة ولا لغيرها في هذا الموضوع، غير أني أزعم أننا نحن الفلسطينيين والعرب وبالذات (من يتولون المسؤوليات العامة) هم من منحوا بينيت ونتنياهو هذا اللسان الطويل، وهذا الاحتقار العميق لردود الأفعال الفلسطينية والعربية؟!.

ما كان لبينيت ونتنياهو أن يتفوهوا بهذه الأباطيل، ولا بتلك المزاعم، لو كان ثمة قائد مسؤول يملك جزءاً من مائة جزء من نخوة المعتصم بالله؟! حين سقطت الغيرة على محارم الله من نفوسهم فرطوا بالقدس وبالأقصى، وجعلوا لأنفسهم أذناً من طين وأخرى من عجين؟!، وقبلوا بتقبيل يد اليهود والأمريكان، وسكتوا عما يقوله بينيت ونتنياهو، والمؤسف أنهم حين يتحدثون يقولون أميركا تشجع الإرهاب في المنطقة.

أميركا والغرب لا يقفون عند الإرهاب الإسرائيلي حين يستخدم طيرانه الحربي لقتل أطفال ونساء غزة، فكيف لهم أن يقفوا عند كلام بينيت عن القدس والأقصى؟! ليس ما يقوله اليهود مهما كان مخالفاً للقانون الدولي عيباً أو إرهاباً؟! الإرهاب تخصص عربي وإسلامي فقط؟! والعرب هم من جعلوا الإرهاب إسلامياً تبعاً لأميركا والغرب، مع أن الدين والمنطق والتاريخ أوشكوا على حصر الإرهاب تاريخياً في اليهود، لأنهم هم الذين يشعلون نيران الحروب والاغتيالات في كل مكان.

لكن ما يتعلق باليهود اختفى، وبات الإرهاب خاصية إسلامية؟!، فحيثما وجهت وجهك في القارات الخمس، وأحسنت الاستماع لما يقال، وجدتهم يتحدثون عن الإرهاب الإسلامي، حتى عواصم العالم العربي والإسلامي تتحدث عن الإرهاب الإسلامي، ولا تجد متحدثاً واحداً يحدثك عن إرهاب اليهود في فلسطين، أو في العالم. لهذا كله كان بينيت ونتنياهو فيما تقدم من كلامهما والمسلمين يحتفلون بالإسراء، والفلسطينيون يحيون ذكرى النكبة.